مولد المجلة الأم: "ناشيونال جيوغرافيك ماغازين"
الزمان: 13 يناير 1888
المكان: واشنطن العاصمة
الحدث: اجتماع 33 شخصاً يجمعهم طموح جامح لخدمة الشأن العام، من أجل مناقشة "إمكانية تأسيس جمعية تهدف لتوسيع آفاق المعرفة الجغرافية ونشرها عبر العالم".
كان هؤلاء أصحاب تخصصات مختلفة، من جغرافيين ومستكشفين ومحامين وضباط عسكريين وعلماء أرصاد جوية ورسامي خرائط وعلماء طبيعة ومصرفيين ومدرسين وعلماء أحياء ومهندسين ومخترعين. كان قائد هذه النخبة محاميا يدعى غاردينر غريني هابرد، الذي سرعان ما انُتخب رئيساً لهذه الجمعية التي اختير لها من الأسماء "الجمعية الجغرافية الوطنية". وهكذا أصبح مبدأه الأساسي من وراء تأسيس الجمعية، والمتمثل في نشر المعرفة الجغرافية وترسيخ مفهومها الشامل لدى الجمهور، حجر الأساس والمسار الذي سيرسم سياسات هذه الجمعية ويحدد إستراتيجيتها طيلة قرن من الزمن.
وسعيا وراء هذا المسعى، أصدرت الجمعية أول عدد من مجلتها "ناشيونال جيوغرافيك ماغازين" في أكتوبر 1888. واتسم هذا العدد بمستواه الفني العالي وشكله الرشيق، واقتصر توزيعه على الأعضاء المنتمين للجمعية. وبحلول يناير 1896 أصبحت المجلة تصدر بصفة شهرية بعد أن كان صدورها غير منتظم، إذ أقدم مجلس الإدارة على تحديد سعر النسخة الواحدة في الأكشاك في 25 سنتا أميركياً.
وبعد وفاة هابرد عام 1897، تولى غراهام بيل رئاسة الجمعية الجغرافية الوطنية في يناير 1898. كرس هذا المخترع الشهير كامل طاقته وإبداعاته الفكرية للنهوض بالمجلة، فعين شاباً واعداً في الثالثة والعشرين، اسمه جيلبرت إتش. غروسفينور، لتطوير المجلة وتشجيع الناس على الانخراط في عضويتها. وأثمر ذلك عن تحول المجلة من مجرد دورية تنشر حقائق جغرافية بحتة إلى مجلة مفعمة بالعلوم والحقائق حول العالم، فضلًا عن أنها أصبحت تشكل إضافة نوعية للصحافة الأميركية وحجزت لنفسها موقعاً مميزاً في عالم النشر.
لقد عملت الجمعية منذ نشأتها على تمويل أكثر من 10 آلاف رحلة استكشافية ومشروع بحث. وكان لها غزير الأثر في اكتشاف وسبر أغوار الأصقاع النائية والمتوارية عن الأنظار، من خلال مجلتها الرصينة التي ما فتئت تنجز تحقيقات مذهلة تحوي بين طياتها صورا نادرة أضحت أيقونات ذائعة الصيت. ويعود الفضل في ذلك إلى كوكبة متوهجة من المستكشفين والمحررين والرسامين وغيرهم، كرسوا حياتهم إلى خدمة المعرفة الجغرافية ونشرها عبر العالم.
مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية: حلم عربي يتحقق
بعد النجاح المذوي لمجلة ناشيونال جيوغرافيك ماغازين، دخلت الجمعية الجغرافية الوطنية غمار الترخيص بطبع نسخ عالمية من المجلة بلغات بلدان مختلفة. ومع توالي النجاحات في هذا المنحى، أصبح عدد الطبعات العالمية يفوق الثلاثين، كلها متشحة بلون الذهب وهي تتفيأ بظلال الإطار الشهير لناشيونال جيوغرافيك.
ثم آن أوان الحدث الذي ظل عشاق المعرفة عبر العالم العربي ينتظرونه مدة عقود من الزمن: ناشيونال جيوغرافيك بلغة المتنبي والجاحظ. وكانت الانطلاقة في أكتوبر 2010 من أبوظبي حيث نشأت وازدهرت كبريات المؤسسات الإعلامية على الصعيد العالمي، وفي مقدمتها "أبوظبي للإعلام" التي تصدر مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية".
منذ أول عدد من المجلة، أخذ طاقمها على عاتقه انتقاء أجود الموضوعات وأكثرها رصانة من أجل تقديم أشهى الأطباق المعرفية إلى القارئ العربي المتعطش لاكتشاف ما ينطوي عليه كوكب الأرض من أسرار. ولئن كان جل المواد المنشورة في المجلة العربية عبارة عن ترجمات من ناشيونال جيوغرافيك ماغازين، فإن الموضوعات التي تتطرق إلى المنطقة العربية- بأقلام وعدسات عربية- تجد لها حيزا خاصا بين صفحات المجلة في كل عدد. وعلى خطى المجلة الأم، ما انفكت ناشيونال جيوغرافيك العربية تستقطب خيرة المستكشفين والمصورين الفوتوغرافيين العرب من أجل كشف الحجاب عن الكنوز الطبيعية التي يزخر بها الوطن العربي براً وبحرا. كما تستنير المجلة بمشكاة هيئة علمية استشارية تضم ألمع الخبراء والعلماء العرب على الصعيد العالمي.
بعد أن أنارت سماء الإعلام العربي وأضافت زخما جديدا للمطبوعات العلمية النادرة بلغة الضاد، تواصل ناشيونال جيوغرافيك العربية رحلتها في دروب المعرفة من أجل تنوير القارئ العربي وتعميق معرفته بالعالم، حتى تبقى على الدوام نافذته الفريدة على عالم لم يعشه من قبل.
ناشيونال جيوغرافيك العربية