هل تعجبت يوما و سألت نفسك عن سبب تذكرك لمواقف قديمة جدا حدثت منذ سنوات و ما يحدث لك من استدعاء لأحاسيس شعرت بها منذ زمن بعيد ؟ هل إنزعجت يوما ما من هذا الأمر و تمنيت ألا يحدث لك ؟ هل شعرت أن هذا الأمر يفقدك التحكم في نفسك و سبب في اعتقادك أن الإنسان ليس له سيطرة على مشاعره و أحاسيسه ؟ لأنك قد تكون جالس في أي وسيلة مواصلات و تشم رائحة عطر وضعه رجل أوإمرأة صعدت من لحظات إلى الحافلة وعندما تشم رائحة هذا العطر يتسبب ذلك في أن يرسل ذهنك إلى الماضى بكل ما فيه من مشاعر و أحاسيس ارتبطت بالموقف الذى مررت به مع الشخص الذى كان يضع نفس العطر ؟
ماذا إذا أردت أن تتحكم في هذه الظاهرة الطبيعية و أن تبطل مفعولها و ماذا إذا أردت أن تستخدم هذه الظاهرة بتحكم يؤتيك بنتائج حددتها مسبقا ؟
إليك السر وراء هذه الظاهرة الطبيعية :
سوف نكتفى في هذه المقالة بتفسير الظاهرة على أن نتحدث في مقالات لاحقة عن كيفية التحكم فيها و استخدامها في تحقيق نتائج إيجابية تخطط لتحقيقها.
خلقنا الله بقدرات ذهنية رائعة و تستدعي أن نقول سبحان الله على خلقه. فمن عجائب خلق الله عز هو عقل الإنسان ، و نخص بالذكر هنا الذاكرة و قدرات الإنسان الذهنية.
فالذاكرة تستقبل مدخلاتها من حواسنا الخمس. و من المعروف أن الشخص إذا أراد أن يتذكر شيئا فعليه أن يدخل المعلومة في الذاكرة بعيدة المدى. يمكننا أن نتناول هذا بشرح مفصل في مقالات لاحقة. ما نود أن نقوله في هذه المقالة هو أن هناك طريقة فعالة جدا لإدخال المعلومة إلى الذاكرة البعيدة المدى أو ما يسمى بالعقل الباطن و هى أن يتم التعامل مع المعلومة في بداية الأمر في وجود مشاعر قوية.
ما يحدث من ربط ذهنى و تذكر الموقف بأحاسيسه كلها عند شم رائحة عطر معينة هو أن خلال مرورك بالتجربة في الماضى كنت منفعل عاطفيا جدا – بغض النظر عن نوع هذا الإنفعال العاطفي عما إذا كانت عاطفة حزن أم فرح أو رومانسية – فإذا حدث موقف و أثناء حدوث هذا الموقف إنفعلت عاطفيا و أثناء الإنفعال العاطفي و حدوث الموقف تطرق إلى أنفك رائحة عطر ما يحدث ربط بين الرائحة و مشاعرك لحظتها و تفاصيل الموقف الذى تمر به.
فمن شدة و قوة العاطفة تم الربط بين مشاعرك و الرائحة و تفاصيل الموقف و لذلك كل ما هو مطلوب لتذكر الموقف بتفاصيله فيما بعد و استدعاء المشاعر و الذكريات الخاصة بهذا الموقف هو أن تشم رائحة العطر مرة أخرى سواء عن قصد أو عن طريق الصدفة.
يحدث نفس الشئ مع المقطوعات الموسيقية ، فإذا حدث موقف شديد ملئ بالمشاعر و الأحاسيس في مكان ما – مثلا كافيتيريا – صادف أن هناك مقطوعة موسيقية تعمل في الخلفية فيحدث ارتباط بين الموقف بتفاصيله و بين ما كنت تشعر به و أنت جالس تتحدث مع الطرف الآخر و المقطوعة الموسيقية التى كانت تعمل بالخلفية. لذلك تجد نفسك في كل مرة تشغل فيها نفس المقطوعة الموسيقية تتذكر ذكريات هذا الموقف بحلوه و مره و كل مشاعره و كأنك تمر به مرة أخرى.
الخلاصة : قدراتنا الذهنية و العقلية قوية و ربنا أنعم علينا بها لنتعلم كيفية الاستفادة منها و لشكره عليها. إذا أردت أن تتذكر درس أو موقف تمر به أوإذا أردت أن تجعل الموقف الذى تمر به مع غيرك له أثر في حياته و ذاكرته فيما بعد، أضف بعض المشاعر و الأحاسيس إلى الموقف و استعمل مثير خارجى مدخله إحدى الحواس خلال مرورك بالموقف.