زعموا أن عين ماءٍ كان يعيش فيها بطتان وسلحفاة، وكان قد ألف بعضهم بعضاً وصادقه. ثم إن تلك العين نقص ماؤها في بعض الأزمان نقصاناً فاحشاً، فلما رأت البطتان ذلك قالتا: "إنه ينبغي لنا ترك ما نحن فيه، والتحول إلى غيره".
فودعتا صديقتهما السلحفاة وقالتا: عليك السلام فإنا ذاهبتان.
قالت السلحفاة: إن نقصان الماء هنا يعرض حياتي للخطر، فأنا لا أعيش إلا به.. أرجوكما أن تأخذاني معكما.
قالت البطتان: كيف نأخذك ونحن نطير في الجو مسرعين، وأنت تزحفين على الأرض ببطءٍ شديد؟
وبعد تفكيرٍ طويل وجدت البطتان وسيلةً لإنقاذ صديقتهما السلحفاة، فقالتا لها:
- لا نستطيع اصطحابك معنا حتى تشترطي لنا أننا إذا حملناك فرآك أحدٌ فذكرك، أن لا تجيبيه.
فقالت: نعم. ولكن كيف السبيل إلى ما ذكرتما؟
فقالتا: تعضين على وسط عود، وتأخذ كل واحدةٍ منا بطرفه في منقارها.
فرضيت بذلك، وطارتا بها.
فرآها الناس، فقال بعضهم لبعض: "انظروا إلى العجب العجاب: سلحفاة بين بطتين تطيران بها في الهواء".
فلما سمعت السلحفاة ذلك قالت: رغمٌ لأنفكم.
فلما فتحت فاها بذلك الكلام وقعت إلى الأرض وماتت.